ساشا ميليفويف
السيرة الذاتية[عدل]
ساشا ميليفويف (بالصربية: Saša Milivojev) كاتب وشاعر وصحفي ومحلل سياسي مشهور، وهو أحد أشهر كتاب الأعمدة في صربيا ومؤلف خمسة كتب وأعمدة تنشر في الصحف اليومية. ترجمت أعماله إلى حوالي عشرين لغة حول العالم.
ساشا ميليفويف كاتب وشاعر وصحفي ومحلل سياسي مشهور، وهو أحد أشهر كتاب الأعمدة في صربيا ومؤلف خمسة كتب وأعمدة تنشر في الصحف اليومية. ترجمت أعماله إلى حوالي عشرين لغة حول العالم. ساشا ميليفويف مخترع فكرة الاضراب عن شرب الماء من اجل الحصول على شهرة سياسية عالية.
ساشا ميليفويف شاعر وكاتب وكاتب اعمدة صحفية ومحلل سياسي صربي، من أصل روسي، ولد في العام ١٩٨٦ في مدينة زرينينن، حيث أكمل دراسته ونمى مواهبه في المدرسة الإعدادية الموسيقية. غنى في فرقة الموشحات الدينية بقيادة آرثر هوناكير في أوبرا "الملك داود" في فيلهارمونيكا مدينة لارادا في رومانيا. وبعد عشرة سنوات من الاستمتاع بالموسيقى، حول الشاعر اهتمامه إلى كلية اللغات في جامعة بلغراد، حيث يدرس ألان، وبنجاح، في قسم اللغة الصربية وأدبها.
للكاتب ثلاث مجموعات شعرية هي: "السر وراء التنهيدة" (من منشورات الكتاب الوطني،۲٠٠٦) و "أول مرة" (من منشورات المجمع الثقافي والتعليمي، كروشوفاتس، ۲٠٠٨) و "عندما تحلق اليراعة" (باللغة الصربية والانكليزية والعربية) إضافة إلى رواية "الفتى من البيت الأصفر". حصل على عدد من الجوائز، ومسجل في قائمة أفضل كتاب المختارات الشعرية مثل: "نورس سهول بانونيا / التاسع عشر" و "الينابيع المعدنية / التاسع عشر" و "زقاق السخام / التاسع عشر". كما نُشرت أشعاره في كتاب "الوصية ٢٠١٢" الصادر عن رابطة الكتاب الصرب في سويسرا.
ومنذ العام ۲٠٠٨ يكتب في جريدة "بوليتيكا" في ركن وجهات نظر وكذلك يكتب في الاستعراضات التلفازية لنفس دار الصحافة. وكذلك يكتب، منذ العام ۲٠٠٩، أعمدة في "برافدا" حيث يتناول دراسات تحليلية وتركيبية لتاريخ الشعب الصربي من الماضي القريب والمعاصر. وكذلك يهتم بقضايا جرائم الحرب. ومن الجدير بالذكر أن الكاتب حصل على عدد كبير من الاستحسان والمدح، ومن جانب أخر، اتهمه البعض بنشر "اللغة التي تدعو الى الكراهية" والتأثير السلبي في الرأي العام. وفي العام ۲٠٠٩ تم نشر أكثر من ثلاثة ملايين نسخة من نصوص الشاعر في مختلف الصحف اليومية.
كان واحدا من اشهر كتاب الاعمدة الصحفية في صربيا مابين العامين ۲٠٠٨ و ۲٠٠٩ وتعرض الى العديد من المضايقات السياسية. اثرت اراءه التي انطلقت من الظل على الكثير من مراكز اتخاذ القرار السياسي. حيث كانت تلك الاراء مصدر الهام للعديد من السياسيين وعناصر الاجهزة الامنية. فعلى سبيل المثال، يعتبر شاسا ميليفويف مخترع فكرة الاضراب عن شرب الماء من اجل الحصول على شهرة سياسية عالية. ويكتب عن الدرامه السياسية وكذلك الادبية والواقعية.
قدم للجماهير الصربية مرتين اعماله الشعرية، في المتحف الاثنوعرقي – بالتعاون مع عدد من الفنانين على سبيل المثال: اسيدورا بيليتسا، افانا زيكون، يلنا زيكون، داليبوركا ستوياشيتش، ايفا راس، دانييلا بافلوفيتش، زيزا ستويانوفيتش، زلاتا نوماناكيتش، برانكا فيسالينوفيتش ... الخ. وتحدث عن اشعاره الممثلات المشهورات مثل: سفتلانا بايكوفيتش، روزيتسا سوكيتش، دانيتسا اجيماتس، سنيزنا سافيتش، سوزانا مانجيتش، واخريات. كما مد يد العون الى المؤلف الشاب كل من اوليا ايفانينتسكي ومقدم البرامج زدرافكو شوتار وماركو نوفاكوفيتش. كما تحدثة الصحفية والكاتبة رادا ساراتليتش علنًا عن شعره في بداية حياته المهنية، عندما كان يدعمه الناقد المسرحي والناقد الأدبي يوفان شيريلوف. كتبت الصحفية أولغا ستويانوفيتش مراجعة لروايته "فتى البيت الاصفر" ونشرتها في الصحيفة الأدبية لجمعية الكتاب الصرب.
قدم النسخ الأولى من المجموعة الشعرية "عندما تحلق اليراعة" باللغات الصربية والإنجليزية والعربية إلى فلاديتا ييروتيتش ومفتي بلغراد محمد يوسوفسباهيتش وألكسندر فوتشيتش. كشاعر وصحفي، شوهد في الأوساط الدبلوماسية، كضيف في السفارات في بلغراد.
تم إهداء النسخ الأولى من الرواية المروعة "فتى البيت الاصفر" - في عام ٢٠١٢ . من قبل المؤلف ساشا ميليفويف إلى السياسيين الصرب: لرئيس الوزراء ووزير الشرطة إيفيتسا داتشيتش ؛ إلى رئيس صربيا توميسلاف نيكوليتش؛ أيضا إلى نيناد شاناك، ميلانكا كاريتش، أوليفر دوليتش... كما قدم نسخًا من الكتاب للسفير الروسي في صربيا ألكسندر كونوزين ، وييلينا جوسكوفا ، والأستاذ الدكتور رادى بوژوفيتش والأستاذ نيبويشا بايكيتش. جاء الملازم أول أسطوري من الجيش الشعبي اليوغوسلافي ستيفان ميركوفيتش للقاء المؤلف الشاب في كاليمجدان بمناسبة تسليم الرواية. كما أعطت ساشا ميليفويف النسخة إلى قاضي مكتب المدعي العام البلجيكي ...
على الرغم من أنه تم طباعة ٢٠٠ نسخة فقط بتكلفة المؤلف، طالب الأدب، فقد تم تداول رواية "فتى البيت الاصفر" على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم في عام ٢٠١٢. أصيب القراء والدوائر الدبلوماسية في جميع أنحاء العالم بالصدمة. يعتبر تيمور بلوهين ويوفانا فوكوتيتش من أهم الصحفيين المذكورين في سيرة ساشا ميليفويف، لأنه حقق نجاحًا إعلاميًا عالميًا من خلال تعاونهما. تمت ترجمة مقابلته التي أجراها مع "صوت روسيا" إلى الإنجليزية والبرتغالية والإسبانية والعربية والألمانية والبولندية والروسية والفرنسية والصربية والألبانية والتركية والمجرية والمقدونية... ونشرت في الصحافة البرازيلية، في الصومال، بتاريخ الصفحة الأولى من "صحف تورنتو"، ثم في وسائل الإعلام البارزة مثل: "أوسلو تايمز"؛ "تلغراف أوكراني"؛ "أرمينيا اليوم"؛ "راديو وتلفزيون جمهورية صربسكا"؛ "بارومتر" (قيرغيزستان)؛ "بوتا سوت" (ألبانيا)، "جلاس سربسكي"؛ "مطبعة راجوني" (وكالة ألبانيا الاخبارية)؛ "العبارة الأوكرانية"، "برافدا" و"بليتس" (صربيا)؛ "صيرنا" (وكالة جمهورية صربسكا الاخبارية)؛ "جازيتا شيبتاري"؛ "لاجمي شقيب" (ألبانيا)؛ "دال بيلاروس"؛ "الجمال والصحة" (صربيا)؛ "الصحافة على الإنترنت" (البوسنة والهرسك)؛ "لقاء إخباري" (تركيا)؛ "فرانكو دا روكا نيوز"؛ "روسكيي نوفوستي"... نُشرت المقابلة على عدد لا يحصى من بوابات الإنترنت وفي الصحف حول العالم، والتقطها الفاتيكان أيضًا. تحدث البابا بنديكتوس السادس عشر بعد ذلك إلى العالم ضد الاتجار بالأعضاء البشرية.
نتيجة لذلك، واجه ساشا ميليفويف مشاكل كبيرة مع التمييز السياسي في وسائل الإعلام الصربية، لكن لا يمكن إنكار أنه ترك بصمة لا تمحى مع التعرف على اسمه وصورته على الفور في صربيا مع استخدام عناوينه المنشورة حتى في الكلمات المتقاطعة...
للشاعر العديد من المعجبين في شتى انحاء العالم. حيث قدم كتاب "عندما تحلق اليراعة" في شهر حزيران سنة ۲٠١٠ الى الجمهور القارىء المصري في القاهرة، وحضر عدد من الامسيات الشعرية لعدد من مشاهير الادب العربي مثل سهى زكي وعلاء الاسواني - الذي يعتبر واحد من اشهر الكتاب في العالم ومؤسس حركة المعارضة السياسية "كفاية". وقد قابل ساشا ايضا في القاهرة الكاتب المشهور ابتهال سالم، محمد رفيع، البروفيسور محمود الضبع، الصحفي المصري المرموق عبدالفضيل طه و سيد الوكيل.
وكتب عنه الكتاب الصحفيون في المملكة العربية السعودية وعن قصائدة التي تتغني بحب الله. وفي الصحافة اليومية المصرية تم تقديم ساشا ميليفويف كشاعر الرحلة الصوفية التأملية.
سجل أربع أغنيات في الاستوديو، بالتعاون مع فرقة الهيفي ميتال "ألوجيا"، غنى أغانيه الخاصة.
ميليفويف هو أيضًا كاتب رحلات، وكان مساهمًا في مجلة "في اي بي تريب الدبلوماسية" التي تصدرها اسيدورا بيليتسا منذ تأسيسها.
في عام ٢٠١٥، غرد نادي دبي للصحافة صورة لساشا ميليفوييف والنص باللغة العربية مفادها أنه "أحد أبرز كتاب الأعمدة في العالم".
مع كتابه الشعري باللغتين الإنجليزية والعربية، سافر إلى الهند والبحرين ونيبال والإمارات العربية المتحدة وعمان وإيران ولبنان والأردن والمملكة العربية السعودية وقطر والكويت والمغرب ومصر وتركيا وجمهورية التشيك وبلغاريا واليونان، إيطاليا، باكستان، كينيا، تنزانيا، ألمانيا، سلوفينيا، سلوفاكيا، المجر، فرنسا، كرواتيا، البوسنة والهرسك، إثيوبيا، جزر المالديف ...
في عام ٢٠٢٠، نشرت المجلة المصرية المرموقة "حرياتي" مقابلته باللغة العربية وقصيدته "الوجع العالمي". ونشرت صحيفة الدستور ، وهي من أشهر وأكبر الصحف اليومية في مصر نشرت ايضا قصائده الثلاث باللغة العربية ، وطبع من العدد نصف مليون نسخة.
في عام ٢٠٢١، نشرت صحيفة "ألو" (Alo.ba) اليومية في قسم "مشاهير" مقابلته تحت عنوان "أين اختفي بايرون الصربي؟" ساشا ميليفويف حصريا من دبي". الكاتبة الشهيرة اسيدورا بيليتسا قالت منذ زمن طويل أن ميليفويف هو"بايرون الصربي".
في عدد ٣١ يناير ٢٠٢١، نشرت مجلة "النجمة البرتقالية" الصربية في هولندا صورته على صفحتها الأولى ومقابلة بعنوان "ساشا ميليفويف" - محظورة ، لكنها لا تزال ناجحة!"
تم حذف ساشا وحظره من ويكيبيديا بجميع اللغات، ولا يمكن لأحد إنشاء مقال باسمه بأي لغة.
في عام ٢٠٢٢، ظهرت صورته، لقطة شاشة من إحدى الصحف، مقابلة اعطاها المؤلف لصحيفة "برافدا اليومية" في عام ٢٠٠٩ عن رواية "فتى البيت الاصفر" مرة أخرى على قناة التلفزيون "اس بي" "سيفودنيا اليوم" البيلاروسية.
ساشا ميليفويف هو حفيد الممثلة المسرحية والتلفزيونية والسينمائية دانيتسا اجيماتس.
ساشا ميليفويف - امير الشعر الصربي المعاصر في حضرة المنارة البريطانية[عدل]
وجع العالم - مراجعة علمية لنص قصيدة وجع العالم. مقدمة في شعر ساشا ميليفويف
كتابة: الآفات الوطنية, ٢٥ كانون الثاني ٢٠١٩
"لكل زمان شرقة الخاصة به"
امير ووجع
في منتصف ذلك الشتاء الذي يقسم العاميين ٢٠١٨ و٢٠١٩ - حسب التقويم الاداري العالمي - فجرت قريحة ساشا ميليفويف قصيدة اطلق عليها اسم "وجع العالم." وجع العالم هي القصيدة التي لم تستحضر ذكريات الشاعر بارون فقط، بل وكذلك الشاعر شيلي، وعليه ووترابطا مع تلك الذكرى اضع قصة امير الشعر الصربي بجانب المنارة البريطانية.
هوية وجع العالم
من الواضح ان قصيدة ساشا ميليفويف المستقبلية "وجع العالم،" والتي قدمت للعالم، تمر على هوميروس (سواء أكان ام لم يكن، او أيًا كان اسم الشخص الذي وصف الفضائع الحالية) مرورا بميلوش (وتراكيبه، على الرغم من ان ميليفويف لا يقلد تركيب اي شخص ما)، وصولا الى درويش (كون ميليفويف شاعرا، ونارحا، ومشردا، ومدركا كما يدرك درويش لحقيقة انهم من الممكن ان يكونا مقربين من الميل نحو الشدة والوحشية – على الرغم من انه من المعلوم انهما لم يقرئا لبعضهما البعض) ومعرجا على فاسيليف (اعتمادا على حقيقة ان يكون القارئ معدا وعارفا بالتراث النصي للغة التي ينشد بها ميليفويف اصلا).
حيث ان القصيدة، وتناغما مع ايقاع هذا العالم، قد تم ترجمتها الى عدة لغات اخرى، وتم نقل المعنى بصورة ليست حرفية، بل بطريقة عكست ما يقبع وراء تلك الكتابة والمضمون، بل وبطريقة سوينكا البلقان الذي تم نطق اسمه بشوينكا، عندما حل ضيفا على بلغراد، كما بدى الامر لي. حقيقة لا اعرف كيف تم نطق اسمه من قبل اولئك الذين دعوه لاستلام جائزة نوبل للاداب.
صرف الانتباه الى الحليب
يقال بأن لكل انسان شرقه الخاص به، والذي ليس من الضروري ان يكون بأتجاه الشرق. فالشرق هنا قد تحول بأتجاه الجنوب الذي ابتعد عن الصيف، الى حيث يتدلى الضباب على مصابيح الشوارع، وذئاب البحر(اولئك الشعراء القدامى، والرومانسيون، وما بعد الرومانسيون، والرمانسيون الجدد)، والمواقد التي تغلي المياه التي سوف لن ولم تتحول الى شاي في المنازل. من ذا الذي شيشرب الشاي بدون الحليب؟ ولماذا لا يوجد حليب؟ لماذا لا يوجد حليب! لا يسألون. ولكن الذين يرون، ويفكرون، ويعترفون بأنهم شعراء حقيقيون يصرخون، على عكس الشعراء والكتبه والكتاب الاخرين. هؤلاء هم الاشخاص الذين يعرفون – من وحي وعيهم الاول – بأنهم مميزون، ولا ينكرون هذه الميزة. فهم يحبون التحلي بهذه الصفة، وحملها، وحبها ايضا. يعرفون كيف يغزون العالم ويعرفون كيف يجذبون العالم اليهم، بل نحوهم شخصيا، وابعد من امتيازهم. حيث يذكرون البشرية جمعاء بأن عشبة الرجيد سوف لن تكون مهمة، بما تمثله من الخلود، اذا لم يكن هناك شيئا من شأنه ان يقضي على الفناء من جذوره: فلا يمكن ان يعيش احدهم على الهواء فقط، ولا يمكن للمواليد الجدد البقاء على قيد الحياة اذا ما تنفسوا فقط، او اذ لم تتوفر لهم عشبة الرجيد، او الماء، او النبيذ، بل الحليب، الحليب، الحليب. هناك عدد قليل من الأشخاص الأذكياء على سطح هذا الكوكب ممن هم أذكياء، وشجعان، ومستعدين لقول هذه الحقيقة، ومن بينهم ساشا ميليفويف.
المشكلة في الشاعر نفسه
ساشا ميليفويف شاعر، يفعل ذلك بوعيه وتصميمه الذي ينبع من وعي الذات. حيث دائما ما يتقدم العالم بخطوة، من دون أن ينظر إلى الوراء، بل على العكس، ينظر بجرأة إلى البشرية، ويشير بإصبعه إلى تلك الموضوعات التي تهم الجنس البشري، وينشد لها هو بنفسه. لذلك، يمكن القول بأن ميليفويف ينشد بوعي ويختار الموضوع بعناية، والجهة المعنية ايضا. وعليه فأن قصيدته لا تخص شخصا محددا، بل كل شخص، ومع ذلك فهي موجهة، في المقام الأول، لأولئك الذين لديهم السلطة، وكيف ذلك، ولماذا؟ فعلى سبيل المثال، فأن الجواب على سؤال من ذا الذي لا يريد شرب الشاي بدون حليب، وهل هو شاي اصلا، وبان مهما كان طقس وعادة احتساء الشاي شائعة فأن ذلك ليس سببا كافيا، او عذرا منطقيا للتأويل، او اعتذارا مبررا، ولا حتى مقبولا لابن بائعة الحليب الذي لم يقوم بأستبدال قناني الحليب الفارغة بتلك المملوءة بالحليب امام منازل البحارة. لذا يجب السؤال هل من الممكن قبول هذا الواقع (ابن بائعة الحليب) الذي دائما ما يدور الشعراء في فلكه (وينتظرون مصاصي الدماء لتقديم تلك المناسبة "موت الحبيب")، ام ان الشاعر يجب ان يكون حيث تكمن المشكلة في اصلها؟ وهل يمكن ان يكون ذلك سببا لعدم كونه شاعرا اصلا؟ ولكن ميليفويف هو شاعر، وكيف ذلك؟
ميليفويف يعرف
يعرف ميليفويف بأن الشخص الذي يفشل في ادراك ممنهج للماضي، بل ويعتبر ان الماضي تقليدا، والذي يختار بشكل انتقائي من قاموس المرادفات للتجربة البشرية، والارث بحد ذاته، ولغته الام الذي ينشد بها، فهو ليس شخصا محددا للدوافع، ولا حتى المواضيع، بل بالاحرى منتقي للواقع.
كما ويعرف ميليفويف ما هو الواقع: فهو في الاساس ما يعتمد على الان، وما يعتمد على ما هو معتاد، بل هو الحاضر. ففي هذا الواقع، الذي يدركه المرء، ويتقبله بصورة يومية، يعرف ميليفويف بأنه لا قيمة تذكر لقدر طرواده ولا حرب الفيتنام (فتلك "الذكريات" الفعلية ليست معدة لعالم الترفيه، المحفوظ كوسيلة لتنفيذ الوعي الملحمي الجديد)، بل هو نزيف الجروح، وتقطيع اوصال الاجساد التي لا تزال دافئة، والجثث الجديدة.
فمن يتعثر بالاطراف البشرية، والاجساد التي تفوح منها رائحة النتن، الجروح المؤلمة؟ ميليفويف يعرف ذلك.
الفهرس
ميليفويف يعرف ذلك ولهذا السبب فهو يخاطب البشرية، مشيرا باصبعه الى ما تم غض الطرف عنه، وينظر بنظراته التي تتجه نحو المناظر الاكثر بشاعة من الكوابيس، والمعبرة عن واقعنا، ويكشف الجاني من دون ان يكون مضطرا حتى الى تسميته.
ان كل ذئاب البحر في الكون مجتمعة، وكل شعراء العالم منذ الازل، قد نظموا قصائدهم حول امراءة – الهة، مصدر الهام، عشيقة (بل وكتبوا حتى عن عصفورها، مثل ما فعل كاتولوس (ولو كان زماننا هذا زماننا اخر فلن اجد نفسي مضطرة لحماية نفسي بذكر اسم الشاعر، لاني متأكدة من ان جميع، جميع القراء سيعرفون بأني اذكرهم بموت عصفور ليزبيوس)، وام، وزوجة شخص ما (ليس مصاص الدماء)، وحبيبة ميتة (يمكننا القول بأن اسمها كان لينورا بداءا منذ عهد الرومانطيقية فصاعدا حين بدأ الحديث عن القصائد والدوافع)، ما الذي يفعله ميليفويف؟
لا يشير ساشا ميليفويف بأصبع الاتهام إلى "المرأة" المذنبة في "وجع العالم" على الاطلاق (على الرغم من ان في لغته الام، على سبيل المثال، فان البلد يأخذ صيغة المؤنث، والمؤنث في اللغة الصربية يشير الى القوة الغامضة، والغير مسماة، والغير معرفة باي نوع من القوة هي)، ولكن في "وجع العالم" فأن المراءة، وكما هو الحال الرجل، لايختلفان بحسب الجنس والنوع، فالمراءة حاضرة، كما هو الحال مع الرجل، في اجزاء الواقع القاسي والمؤسف لضميرنا (اللا ملحمي، بل الواقعي والقائم على اسس تجريبية). ان البوم صور السفن الخاص بنا لا يعرض صور الاعداد اللا منتاهية من السفن والشعوب التي تحملها، بل الجثث، الجثث، الجثث.
تسمع في السماء السابعة
ان ميليفويف هو الشخص الذي يناقش بجرأة ومسؤولية، وبابيات قاطعة وغير قابلة للاختراق، في القصيدة العامة ملاحم البشرية العالمية والكونية، وليس القبائل والأبطال الأسطوريين - رموز المستقبل للجميع وكل شيء – بل معاناه البشر، وضحايا البشر، البشر من الاطفال والمسنين والنساء والرجال الموجودين على الجانب الاخر من المنارة، حيث يندحر ورثة الاساطيل التي تحمل الشاي وتدرك بان هناك اخر مختلف، اخر غير راكع، يتنفس ويشرب، يشرب، يشرب الحليب.
هل مازالت الإمبراطوريات التي تلاشت (خاصةً الاستعمارية، التي تم التأكيد عليها في خطاب ما بعد الاستعمار) لا تتعلم من اخطائها الاخيرة؟ ألا يستطيعون أن يروا أن ورثة النبلاء الذين رسموا، ذات يوم، حدود الدول، يقومون بالشيء نفسه الان لتحديد ممتلكاتهم؟ هل ميليفويف، الذي لا ينشد في لندن التي تعج بالهنود البريطانيين، يخاطب هذا، على الرغم من ان الصوت يسمع في السماء السابعة، في الاخاديد المملوءة بالافغان.
وبنفس طريقة ذئاب الاستعمار، او الرومانطيقيين كما يجب ان اسميهم، فأن ميليفويف ينشد بأسلوب "استعماري بدون ادني شك" محذرا العالم من العواقب، والعواقب، والعواقب، بينما الإمبراطورية (التي هي أيضًا في لغة ميليفويف الأم تاخذ صيغة المؤنث)، لا تزال صامتة.
مثلثات ومربى التفاح
دعونا نعود إلى السؤال لماذا لا يوجد حليب.
اعتمادا على التجربة، إن لم يكن العقل، فإن زوجة ذئب البحر المتعلمة، والتي هي جدة ذات مكانة مرموقة، ولديها عدد قليل من الاحفاد، تعتقد بل وتعرف لماذا لا يشرب حفيدها الشاي بل الحليب الصافي، الغير ساخن مثل الحروق، مع أربعة مثلثات من الخبز مضاف اليها مربى التفاح، وذلك لانها لا تقبل اي سببا لغير ذلك. حيث ان حفيدها له الحق في الحصول على كوبه من الحليب، وانه سوف لن يقبل بوجبة افطار سيئة، لانه يحافظ، ولو جزئيا، على دور الاجداد الذين قاموا برعايته واطعامه. ماذا عن التربية؟
ليس لساشا ميليفويف أوهام ولا حتى خوف من ان يقول الحقيقة كما هي: ان حفيد ذئب البحر لا يريد أن يتربى بل أن يربي. لذا تجده ينشر الخوف في العظام والرياح، والبقرة ورفاقها – بل نادرًا ما يكون لطيفًا، وغالبًا ما يكون عنيفًا، يطرد بالقوة بعيدًا عن المنازل، وكلما زاد البعد زادت القسوة. كما ويفرش سجاد القنابل، ومنصات الصواريخ، واطنان الاطعمة الانسانية المشبعة يالاشعاءات النووية، ويتخم البشرية بالاكاذيب والمفاهيم الخاطئة، الشيء الذي يستطيع حتى غير الشاعر من ان يراه، ومع ذلك يمكن للشاعر فقط ان يجرؤ على إدراكه - بصوت عالٍ وواضح.
الطفره
ان التربية والتعليم يفرضان حدودًا على الحرية وخاصة امر قبول ولو سببا واحدا. ومع ذلك، فإن التنشئة الاجتماعية لا تؤدي بالضرورة إلى إيجاد تفاهم داخل المجتمع، بين الطبيعة واندماجها مع المجتمع، كما ولا تؤدي إلى قبول الثقافة، ولا حتى السير في مواكبة الحضارة، بل ولا حتى تغيرها. ان "وجع العالم" هي تحذير ميليفويف للعالم:
من المرجح أن يبحث النسل عن الثقافة والحضارة الموجودة التي تكون الأنسب له، والتي ستحوي في طياتها جزءا منه طالما راق الامر له، وبعدها ستمضي قدما الى ابعد من ذلك – ليس باتجاة الجنوب، بل دائما نحو الشرق، حتى ولو كان باتجاه الغرب. حيث يغادر الاسلاف الجنوب – لتدفئة عظامهم المتجمدة وللبحث عن مأوى مما لم يتمكنوا من تغيره. لم ينجحوا في تغير الشتاء، او اعادة ترتيبه، او الانتقال الى مناطق مستقرة، بل نقلوا وليس بصورة مؤقتة اشخاص محددين لا يستحقون التغير بالاضافة الى العديد، العديد من العادات والتقاليد، وواحدة منهم هي القتل. فهل يمكن القول، على الاقل، بان ذئاب البحر قد تغيرت؟
هو
إن الكشف غير المنهجي عن العالم الخفي، والرد الفوري على آلام الإنسان، وكل الم جسدي، لم يتم التطرق اليه لا في الادب او في وضح النهار، يمثل الوجع العالمي في كل مكان. وعليه فان المفهوم يكمل المحتوى ويغير من نطاقه. لا يوجد موت عنيف غير مؤلم حتى وان لم يسمع به، او لم يتم عن طريق رشاشات او مدافع او غيرها من الاسلحة التي لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك الاسلحة البيضاء (الباردة).
في الواقع، إذا كانت سموم الحرب أسلحة باردة، فمن الطبيعي ان يتساءل المرء عندما يقرأ ساشا، عن الوجع العالمي وليس عن بعض من "وجع العالم" الألماني. فالرومانسيون، وبدون أي مقدمة، لم يعودوا يعيشون في ألمانيا أو بريطانيا، كما لم يولدوا فيها، بل سوف يأتون، لكن يجب عليهم أن يولدوا أولاً. فقد كان سلفهم الشعري والشاعري لفترة طويلة في الشرق المختار، حيث أتى اليه من جنوب بايرون وشرق شيلي. فهو يعلم أن الملحمة تقف على الأرض بسبب الواقع الذي تجسده في ذاتها، وهو يعلم أن هذا الواقع أكثر من مجرد مناسبة للانشاد، بل هو في هذا العصر صرخة. إنه يعلم، ينشد واسمه ساشا ميليفويف.
الافة الوطنية
الأستاذ الفخري الدكتور رادى بوژوفيتش حول ابيات قصيدة "الوجع العالمي" لساشا ميليفويف[عدل]
ان البكاء الطويل والمحذر لساشا ميليفويف يدفعنا الى التفكير ملياً في العالم الذي نعيش فيه الان. حيث نجد وللأسف بان العالم صغيرا جدا لمن يعرف القراءة والكتابة، ولذا يجب الاهتمام به عالميا. ومع ذلك نجد ان ابيات ساشا لا تخرج من مزمار پان بل تنتحب من ناي الرومي – وهو نوع من أنواع النايات الشرق أوسطية، حيث تبدو وكأنها تجسد مرة أخرى كلمات الفيلسوف والشاعر المسلم الرومي المحذر جداً: "لا تجلس تحت شجرة مع أولئك الذين لا يفهموك، بل اجلس فقط مع من يعرفك ويفهمك. من الان فصاعداً، اجلس فقط تحت شجرة الفاكهة المليئة بالأزهار."
عزيزي ساشا، من الصعب ان تكون شاعراً في هذه الأوقات الجافة والمقفرة. حيث يكون عليك تسلق عامود موندي – اعلى عامود ممتد الى السماء وبلا نهاية. تذكر ان السماء بعيدة والأرض صلبة، وان من السهل تسلق عامود خشبي لوجود حافات مساعدة، وتذكر ايضاً ان تسلق الصعاب امراً يستحق العناء ويمكنك فعل ذلك بمساعدة الأفكار العالمية والكلمات الشرسة. أعرف يا ساشا، بأنك وددت كثيراً ان تعثر على الكلمات المناسبة للتجوال المعاصر في العالم المرتبك جدا. لقد نجحت فيما يتعلق بالموضوعات، ولكن كيف يمكنك العثور على الكلمات الحقيقية وغير المغشوشة للموضوعات المثيرة جدا؟ غالبًا ما تمكنت من تحريكنا بأفكارك، على الرغم من أنك أحيانًا تخنق الكلمات بقافية غير ضرورية ... حيث تبدو لي هنا كعندليب الرومي الذي سقط على شوكة وردة، وبقي يغني. لم تكن خائفًا من الشوكة، على الرغم من أنك تطأ الأشواك. صراخك ليس في حديقة والتر، بل إنه صراخ سماوية في الجحيم، لمن هو مستعد لسماعه.
لذا، في هذا العالم المشوش والمليء بالدوار، يعانق كوكب المشتري والزهرة بعضهما البعض، لكن ولحسن الحظ هناك أناس لا يؤمنون بأن الانسان والحمار مجتمعين هم أذكى من الانسان. يا ساشا، لقد لاحظت انت ذلك، لذا عليك ان نحارب ذلك السم الذي هو، وعلى حد تعبيرك، "على كوكب الزواحف، جبل من الجثث البشرية." هل سندفنهم في توابيت من الورق المقوى، كما حدث في بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية؟
الأستاذ الفخري الدكتور رادى بوژوفيتش
ترجمه للغة العربية
بشار الهدلة
الأستاذة الدكتورة ميلا اليجكوفيتش حول شعر ساشا ميليفويف[عدل]
لو لا حقيقة كوني ابنة شاعر، لربما تعذر علي ملاحظة موهبة الشاب الذي يعيش بعيدا عن مسقط رأسه، ولكن ليس بعيداً عن نمطه الأصلي القديم. ساشا ميليفويف هل هو شاعرا بالفطرة ام انه صنيعة البعد – البعد الذي يلهم عندما تشحذ جميع الحواس ويجمع جميع اشكال المعاناة – ولكن وبغض النظر، فان الإجابة على السؤال تكمن في حقيقة كون ساشا ميليفويف، ببساطة، شاعر صفحة الحزن للخالق، حيث تحميه ابياته وتقويه. يدرك ميليفويف بان الشعر يقود المرء الى اللا زمن، الى اللانهاية، الى الخلود، والى اللا اسم حيث أصبحنا توئما وناقلا لكلمات المسيح ولذا يقول في قصيدة "رسالة بعد الموت:
وانا أيضا قد مت،
منذ زمن طويل،
ولم ينعاني احد.
احدهم احتفل،
بينا شاب انا في الدماء الى ركبتي،
على الصليب بعذاب انزف؟
لم يبكي علي احد،
عندما بالمسامير
سمروا عظامي في صليب الطقسوس
غنى الجلادون
بينما ابتسم انا بلطف.
في تلك الحياة القصيرة،
في ذلك المرجل اللاهب
في فكوك صدئة
استجديت الحب في القصائد،
بلا فائدة.
ان الشاعر الصادق، وبفضل الشعر بالتحديد، يشعر بالخلود وعظمة الخالق في العفو عن عدد من المارة في الحياة ويراقب الإنسانية من زاويته بكل هدوء وعن بعد، حيث يقول ساشا ميليفويف:
سامحت الجميع
وعندما اختفيت،
طرت الى السماء الثالثة.
بين جبال اليشم الحمر،
امشي حافيا مع الملائكة
في ساحات المدينة الذهبية،
حيث تهطل امطار الحليب والعسل الان
كما من قبل
هل هناك شاعرا حقيقيا لم يحلم بوفاته، وخاصة إذا ما كان شاعراً حزيناً؟ لا يوجد شاعر لم يعش بالفعل حياة ثانية او ثالثة مهداة. لذا فأن ساشا ميليفويق يدرك تماماً تلك الدورة الأبدية ويعكس ذلك في أجمل قصائده حيث تختم ابياتها بالمفردات التالية:
لا توجد معاناة وبؤس هنا
البؤس والجوع، الخوف والاثم،
تزهر الفواكه الحلوة بجانب الأنهار الرائعة،
هنا الحب دائما ينتظرك
عندما تأتي من بعيد.
يكون الشاعر فينا على الرغم من انه قد يكون في بعض الأحيان على بعد اميال منا. حيث يخترق المكان والزمان بموهبته، الامر الذي حققه ساشا ميليفويف من خلال قوة موهبته. لذا نجد ان شعره صرخة داخلية تنظر الى العالم السفلي للمعاناة والبؤس. ان عظمة الشاعر تكمن في انه على الرغم من كونه يعيش في معاناة الا انه يتحدث من سمو عال لا يمكن التنبؤ به محولا المعاناة الى نعمة ونصر.
لا يزال ساشا ميليفويف قريبًا منا جميعًا على الرغم من بعده عن موطنه صربيا. لقد غادر، لكنه يعلم أنه عندما يأتي من بعيد فسيجد الحب ينتظره دائمًا هنا. ينظره دائماً تحالف الارواح الشعرية.
أخيرًا، تقول قصيدة روسية قديمة: يكفي أن تنظر إلى سماء الليل المظلمة المليئة بالنجوم لترى الشخص البعيد ... لهذا السبب فأنا الآن ومن مسافة بعيدة وكل مساء أستطيع أن ارى واسمع الشاعر ساشا ميليفويف ...
الأستاذة الدكتورة ميلا اليجكوفيتش
أستاذة علم النفس والطب النفسي، ومؤلفة
جامعة السربون
الجمعية الدولية لعلاج الأمراض النفسية للتعبير والعلاج بالفن
ترجمه للغة العربية
بشار الهدلة
داليبوركا ستويشيتش - "ساشا ميليفويف - ابن الروح"[عدل]
داليبوركا ستويشيتش - أستاذة الأدب، فنانة بارزة وملكة جمال سابقة في يوغسلافيا السابقة
"ساشا ميليفويف - ابن الروح"
ساشا ميليفويف - عندما تحلق اليراعة
عندما رأيت صورة ساشا ميليفويف للمرة الأولى في الجريدة، دمدمت شفتاي بصورة عفوية: تاجو! وكان ذلك أول رد فعل لي لجماله الملائكي، حيث تذكرت ذلك الشيء، منذ زمن بعيد، عندما كنت قد قرأت "موت في البندقية" من اجل التحضير لكتابة التقرير الفصلي بعنوان "روايات توماس مان" في قسم الأدب الصربي في كلية اللغات في بلغراد.
كان ذلك الجمال، الإغريقي الابلوني للشاب البولندي الذي عرفته من خلال وجهه، والذي لم يكتشف نفسه بعد. الجمال الذي ينتمي إلى نوع الذي أحبه توماس مان بطريقة مؤلمة، حيث العيون الزرقاء والسهول التي لا تحتاج إلى روح. وينتمي أيضا إلى مبدأ شيلار الساذج، مختلفا عن العاطفة التي تنفصل عن الحياة والتفكير وكتابة القصائد وتسقط في الرقصات.
وبعدها، تذكرت "طوني كريكر" الذي تحدث توماس مان في روايته عن شعره، أي، علاقته بالفن، بأدق صورة تعبيرية. تاجا ساشا ميليفويف الذي أعيد تجسيده في شخص هانس هانسين، مرة أخرى بتلك العيون الزرقاء الممتدة عميقا في الحياة، والتي تستمتع بكل لحظة فيها، مفضل ومدمج كأنه جزء في كل. وبعدها قرأت مقابلة معه وقليل من الأعمدة الصحفية وعددا من قصائد هذا الرجل الشاب، الذي هو مازال صبيا، ووجدت حينها الإجابة على السؤال الذي بقي يدور في نهاية تقريري الفصلي: ماذا كان قد حدث لو أن هانس هانسين حقق أمنيت طوني كريكر وقرا "دون كارلوس"؟ ألان عرفت، لكان قد كان ساشا ميليفويف. ذلك الشاعر الوسيم الشاب الموهوب هو تتويج لأكبر رغبات كريكر. هو هانس هانسين الذي قرا "دون كارلس". فهو مثقف، طموح، بارع، مليء بالأفكار، شجاع وذو بلاغة في أعمدته الصحفية، حساس ومعزول في وحدة مخيفة في متاهته التي سوف تجره منها يراعة صغيرة، بواسطة خيوط أريان، حاملة معها نور ألاهي. وعدما تحلق تلك اليراعة وتدحر الظلام، سيبقى شرارتها بين يدي الشاعر مثل غبار نجمة أو نار سماوية وستعطي القدرة لتلك الأيدي من اجل أن تشفي الجروح في هذا العالم، من خلال كتابة القصائد وحمل الطاقة المعالجة إلى العالم الذي سوف يقرؤها. إن السذاجة والعاطفة في هذا "الصبي المارد"، كما سماه النحات والشاعر بوريس ستاباراتس، اتحدتا بشكل مثالي مثل ين ويانغ، النار والماء، الضوء والظلام. فوراء الشكل الملائكي لصاحب العيون الزرقاء "تاجو" تختبئ شجاعة، لا هوادة فيها، وبلاغة كاتب الأعمدة الصحفية ورواية حول البيت الأصفر: "اسقط مع المطر، وتدعوني الجرأة لأقول للناس لا"، وكذلك الشاعر الرقيق والحساس الذي لا يسعى من اجل الربح التجاري، ولكن، حاملا يراعته على كفيه كالنجمة المرشدة المتجسدة، باحثا من كل الآلهة جوابا على سؤال كل الأسئلة: "ما معنى وجودنا؟"
البلورات الصغيرة المتجمدة لشعرة، قد لخصت وكونت من الحد الأدنى من الكلمات التي تعبر عن الجوهر، مثل قصائد هايكو، وتأخذنا بلطف وتذوبان وتموت في خضم حرارة أحلامه عن الصحراء، إلى حيث اللانهاية، والى التجول بين النجوم، إلى "دموع القمر الكاذبة"، إلى استجواب جميع الآلهة التي يجب أن يكون في نهاية مطاف وعظها للحب أن تتحد في شكل واحد في عين الفكر العالمي التي ترى كل شيء.
ساشا ميليفويف يقف مع كبار الشعراء الأصيلين في العالم. فبجانب اللحظات المثيرة حين تحلق اليراعة ونفصلان الضوء والظلام، يتحدث في كتابه الجديد عن ظهور العصر الجليدي الخامس. فمواضيعه الغنائية تسافر خلال الزمان وتقاوم كل كوارث الكرة الأرضية، من ثوران البركان: "من الذي يحميك / من مطر متقد / عندما لا تكون هنا"، وأيضاً "شمس تسيل"، إلى هدوء اللوح، الفيضانات، الاحتباس الحراري العالمي، ذوبان القطبان، تفتح الأمواج، لنرى بعد ذلك كيف "تغرق المدن". "جبال سوداء تسقط / جراد ينصب من كل ناحية / العظام مسلوخة / تحوم غارقة" وهكذا حتى نهاية العالم الأخير والعصر الجليدي. فالمجموعة الشعرية "عندما تحلق اليراعة" تأخذ بعدا تنبؤياً في تلك اللحظة عند قراءتها حيث تذكر بصورة جميع القارات التي تتلاشى، التي تغرق. حيث ستكون أخر قارة تغرق هي إفريقيا، وسيصل مستوى الماء إلى قمم الأهرامات، وبعدها سحل خلق "سطح جليدي بلا نهاية" وعليه يحمل الجمل موضوع غنائي مثل المنتصر، والتي هي سمة أبطال الملاحم والأدب العربي القديم، ولكن يتعثر الجمل على قمم الأهرامات.
في الختام، أود مخاطبيه شخصياً بصورة ودية وامومية وأقدم الدعم له، لأنه على الرغم من انف كل الجبناء والغير المهتمين الإعلاميين ومرتزقة سوروش، وأشجعه لكونه الوجه الجديد والشاب لصربيا الغد: أتمنى لك كل التوفيق في الحياة، أيها الصبي الجميل. ستحمل عبئا كبيرا على كتفيك. حيث إني أرى انه قد بداء باتهامك بتضليل الرأي العام وبأنك تختار مواضيع معينة من اجل الوصول إلى النجاح السريع، بغض النظر عن المخاطر التي تحملها تلك المواضيع. لا تستسلم، ناضل، وامضي قدما. سوف يكرهك الكثير بسبب جمالك، ولكني أرى علامة على جبينك مكتوبة بحبر لا يرى. اعمل بجد وسوف تحقق حلمك. فبجانب المعاناة والألم الذي يجب عليك أن تدفعه، انحني إليك مثل زوي الكبير أمام ميتسا كارامازوف. أنا بجانبك، يا صغيري تاجو.
مصادر[عدل]
- السر وراء التنهيدة، من منشورات الكتاب الوطني، بلغراد، ٢٠٠٦, ISBN 86-331-2825-X
- أول مرة، من منشورات المجمع الثقافي والتعليمي، كروشيفاتس، ٢٠٠٨
- عندما تحلق اليراعة، ا. ف. فليب فيشنيتش، بلغراد، ٢٠١٠, ISBN 978-86-7363-630-6
- الفتى من البيت الأصفر
خطأ: لا توجد وحدة بهذا الاسم "Portal".